[color=blue]السلام عليكم ورحمة الله
للذكــــــــــــــــــــــرى أيها الاخوة(3)
الحمد الله ،والصلاة على رسول الله.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ،كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال(يا غلام إني أعلمك كلمات ،احفظ الله يحفظك احفظ
الله تجده تجاهك ،إذا سألت فاسأل الله ،وإذا استعنت فاستعن بالله ،واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد
كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ،رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح
وفي رواية اخرى عند الامام احمد( احفظ الله تجده أمامك ،تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك
وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر ،وأن الفرج مع الكرب ،وأن مع العسر يسرا)
وأولى الوصايا التي احتواها هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم ( احفظ الله يحفظك ،احفظ الله تجده تجاهك ) لقد بدأ بها النبي لانها
اهم ما في الحديث فإن أداها سهُل عليه بعد ذلك ما بقى في الحديث وإن فرط فيها ضيع ما بعدها من الوصايا فهي وصية تُرشد المؤمن بأن
يراعي حقوق الله تعالى ويلتزم بأوامره ويقف عند حدود الشرع فلا يتعداها ويمنع جوارحه من استخدامها في غير ما خُلقت له وذلك بحفظ الرأس والبطن
كما في حديث ابن مسعود المرفوع الاستحياء من الله فحق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى وتحفظ البطن وما حوى خرجه الإمام أحمد والترمذي .
وحفظ الرأس وما وعى يدخل فيه حفظ السمع والبصر واللسان من المحرمات وحفظ البطن وما حوى يتضمن حفظ القلب عن الإصرار على
ما حرم الله .....،فإذا قام بذلك كان الجزاء من جنس العمل(وهل جزاء الاحسان الا الاحسان)
احفظ الله يحفظك جملة تدل على أن الإنسان كلما حفظ دين الله ،حفظه الله، ولكن حفظه في ماذا ؟
حفظه في بدنه وحفظه في ماله وأهله وفي دينه وهذا أهم الأشياء وهو أن يحفظك من الزيغ والضلال لأن الإنسان كلما اهتدى زاده الله هدى .
(والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم)وكلما ضل والعياذ بالله فإنه يزداد ضلالا كما جاء في الحديث إن الإنسان إذا أذنب صار في قلبه
نكتة سوداء فإن تاب مُحيت وإن أذنب ثانية انضم إليها نكتة ثانية وثالثة ورابعة حتى يطبع على قلبه نسأل الله العافية .
وحفظ الله سبحانه وتعالى لعبده في دنياه ،يكون بحفظه في بدنه وماله وأهله وقوته وعقله .. وأن تستمر معه حتى ولو كبر في السن ،كان
العبد الصالح أبو الطيب الطبري عالم شافعي جليل،كان دعوبا ضحوك السن محبا لاهل الفضل بل معظم الفضل فيه قد جاوز الثمانين سنة،
وهو ممتع بعقله وقوته وكافة حواسه، حتى أنه سافر ذات مرة مع طلاب له فلما اقتربت السفينة من الشاطئ وثب منها وثبة شديدة، عجز عنها
بقية الذين كانوا معه على السفينة ،فاستغرب بعضهم هذه القوة الجسدية التي منحها الله إياه، مع كبر سنة وشيخوخته،فقالوا له كيف استطعت
ان تقفز وانت في الثمانين ولم نستطع ذلك ونحن في عز الشباب ؟
فقال لهم الطبري(هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر)البداية والنهاية/ لابن كثير
فجزاه الله على ذلك بأن أنعم عليه بموفور الصحة، وطول العمر، وصالح العمل.. نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله ،فالله أعلم بمن اتقى..
بل يوجد قصص كثيرة عن الصالحين، لما اجتهدوا في حفظ حدود الله حفظهم سبحانه وتعالى بل إنه سبحانه وتعالى جعل الوحوش في البرية
حافظة لهم، وترعاهم، كما يروى عن سُفينة مولى النبي عليه الصلاة والسلام كما روى الحاكم وغيره (أنه كان في سفينة فانكسرت بهم ثم
خرج إلى جزيرة برية، فمر بهم الأسد، وكان قد تاه الطريق، فجاء الأسد يمشي معه وسُفينة يمشي معه، حتى إذا سار مسافة وسُفينة يمشي
معه همهم همهمة كأنه يقول، هذا الطريق ثم سار)سبحان الله فقد جعل الله عزوجل هذا الحيوان المفترس حافظا له،هذا جزاء من يتقي ربه،
ويخشاه، ويعمل صالحا، انظر قوله تعالى(من يعمل صالحا من ذكر او انثى فلنحيينه حياة طيبة ولجزينهم اجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)
أما الوجهه الاخر
فمن ضيع حدود الله عز وجل أوكلهُ الله الى نفسه ،وسلط الله عليه أقرب الناس إليه، فعندما ابتعدنا كثيرا عن كتاب الله ضعنا بين الحلال
والحرام ،وأنهكتنا الهموم ،واشتكينا الأمراض ،وحتى لو توفرت لنا سُبل السعادة لما سُعدنا بها ،لانه لا سعادة الا بدين الله عزوجل.
قال تعالى(ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى قال ربي لم حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك
اتتك اياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى)أتتخيل معي أنك تُنسى يوم القيامة ؟ أن تكون في هذا الموقف ويرد عليك الله سبحانه بهذا الرد؟
أتشعر بعظم الأمر ؟
والضنك هنا هو/العيش الضيق في كل شيء
ضنك،، ض،ن،ك
ض، ضيق
ن ،نكد/النَّكَدُ: الشؤْمُ واللؤْمُ، وكل شيء جرّ على صاحبه شَرّاً، فهو نَكَدٌ، (لسان العرب)
ك ، كدر/الكَدَرُ: نقيض الصفاء،
ان المعاصي والذنوب، تمحق بركة الصحة عند الإنسان..إن لم يكن عاجلا، فآجلا...
ان المعاصي والذنوب ظُلم وظلمات في الدنيا والآخرة..فاحذرها يرحمك الله
وقوله عليه الصلاة والسلام (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)
و من صور التعرف على الله في الرخاء أن يجتهد العبد في حال الرخاء والسعة والنعمة والصحة والقوة ...بالتقرب إلى الله وطلب
مرضاته، والإكثار من الأعمال الصالحة المُقربة إليه، كالبر والصلة، والصدقة والإحسان، والذكر ،والأمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر،
وغير ذلك من وجوه البِر وسُبل الخير فإن هذه الاعمال تكون رصيد طيب للعبد ينفعه في حال الشدة والضيق والكرب ،وليس المقصود بالشدة
الشدة في الدنيا فقط ،بل في الدنيا وعند الموت وبعد الموت ويوم الحشر وهو اعظم شدة وأكبر كرب فهو يوما يجعل الولدان شيبا ولذلك من
عرف الله في الدنيا،وأقبل على طاعة الله، وكفّ عن معصيته، وخاف من عقابه،أمنَهُ الله يوم الفزع الأكبر، عندما يُحشر الناس حفاة عراة
غُرلا غيرمختونين ،يموج بعضهم في بعض، قد أُدنيت الشمس منهم قدر ميل، والعرق يلجمهم ، بينما هو في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله.
ومن لزم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وشرب من معينها في الدنيا ،شرب من حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآخرة ،
حينما يُذاد الناس عن الحوض كما تُذاد الإبل الغريبة.
فمن استقام كما امر الله وثبت على الطاعة وصبر عليها ثبته الله عزوجل على الصراط الذي حكم الله بمرور الناس عليه ، وهو الجسر
المضروب على متن جهنم، أدَق من الشعر وأحد من السيف كما قال الله تعالى (وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا ،ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا )مريم
ولقد نص الله تعالى في كتابه ،أن العمل الصالح ينفع في الشدة وينجي فاعله ، وان عمل السوء يهلك صاحبه في الشدة،
كما في قصة الغريقين الذان ذُكرا في القران الكريم
الاولى سيدنا يونس عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والتسليم فيونس كما تعلمون القي من السفينة في البحر فالتقمه الحوت وغاص فيه الى
اعماق البحر،ادرك يونس عليه السلام ان هذا عقاب من الله ،فشرع في التسبيح والاستغفار والذكر والدعاء فاستجاب الله له وقال تعالى
حكاية عن يونس عليه الصلاة والسلام (فلو لا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون )الصافات 144/143
انظر الى قوله (كان )في الماضي اي في الرخاء كان من المسبحين والطائعين فلولا هذا الرصيد الذي قدمه ولولا انه تعرف على الله في
الرخاء لبقي في شدته الى يوم يبعثون.
الثانية عمل السوء /فرعون طغى وتجبر ..وقال انا ربكم الاعلى، عندما لحق بموسى عليه السلام ومن معه اطبق الله عليه البحر،فوقع في
شدة وطلب العون من الله (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل )انظر ماذا قال له الله عزوجل (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين )يونس 90 ،91
فهو نسي الله في الرخاء ولم يتعرف على الله في الرخاء فخذله الله عند شدته فهو لم يدخر شيئا لشدته ولم يكن له رصيد من الطيبات ينفعه عند الازمات والملمات الصعبة.
اخي الحبيب في الله/اياك ان تكون من الذين يتعرفون على الله وقت الشدة فقط ،اذا مرض قال يا الله اذا افتقر نادى الله واذا انتكس لجأ الى
الله واذا ...فهذه صفات المشركين ولقد ذمهم الله عزوجل على هذا لانهم لا يعرفون الله، ولا يُخلصون الدين إلا في حال شدتهم،أمَّا في
حال رخائهم ويُسرهم وسرَّائهم، فإنَّهم يُعرضون وينسون ما كانوا عليه.
يقول الله تعالى(واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه او قاعدا او قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه)
ويقول تعالى(وإذا أنعمنا على الانسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض)والآيات في هذا المعنى كثيرة،وهي تدل دلالة
واضحة على ذم من لا يعرف الله إلا في حال ضرائه وشدته، أما في حال رخائه فإنه يكون في صدود وإعراض ولهو وغفلة وعدم إقبال على الله تبارك وتعالى.
ولهذا فإن الواجب على المسلم أن يقبل على الله في أحواله كلها في اليُسر والعُسر، والرخاء والشدة، والغنى والفقر، والصحة والمرض،
والسعة والضيق فمن تعرف على الله في الرخاء عرفه الله في الشدة، فكان له معينا وحافظا ومؤيدا وناصرا.
ولقد اشار النبي الى هذا في الحديث الذي رواه الترمذي، والحاكم، وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال(من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب ،فليُكثر الدعاء في الرخاء )، سنده حسن
قال رجل لأبي الدرداء رضي الله عنه، أوصِني، فقال (اذكر الله في السراء يذكرك الله جل وعلا في الضراء )
وعنه رضي الله عنه أنه قال (ادع الله في يوم سرائك لعله أن يستجيب لك في يوم ضرائك)او نحوه
وهذه سنة الله في الخلق/ ان من تعرف على الله في الرخاء عرفه في الشدة ، ولذلك كانت أمنيةُ الصالحين قديما وحديثا، أنبياء ومن دونهم
أن يحفظهم الله في الشدة.
اخي/ما الذي تدخره للحظات الشدة؟ هل ادخرت شيئا، من سره أن يكون الله معه في وقت الشدة، فليكن مع الله في وقت الرخــــــــــاء.
اللهم اجعل عملنا كله صالحا، واجعله لوجهك خالصا
والى اللقاء في /للذكــــــــــــــــــــرى ايها الاخوة [/color]